التفسير الأول: قيل عني بالكتاب الكتب التي أنزلت قبل الفرقان، وعني بالمصطفين من عباده أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعني بالظالم لنفسه أهل المعصية والإجرام منهم.
قال ابن عباس فيها:(هم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ورثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يُغفر له ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا، وسابقهم يدخل الجَنَّة بغير حساب).
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال:(هذه الأمة ثلاثة أثلاث يوم القيامة: ثلثٌ يدخلون الجَنَّة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابًا يسيرًا، وثلث يجيئون بذنوب عظام، حتى يقول: ما هؤلاء، وهو أعلم تبارك وتعالى، فتقول الملائكة: هؤلاء جاؤوا بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا بك. فيقول الرب: أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي، وتلا عبد الله هذه الآية:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}).
وقوله:{اصْطَفَيْنَا} أي اخترنا، أي اصطفينا دينهم، كقوله:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} مشتق من الصفو وهو الخلوص من شوائب الكدر، وأصله اصتفونا أبدلت التاء طاء والواو ياء. لذلك قيل: إن الضمير هنا في {يَدْخُلُونَهَا} يعود على الأصناف الثلاثة، وحملوا الظالم لنفسه في هذه الآية ألا يكون كافرًا ولا فاسقًا. وروي هذا المعنى عن عمر وعثمان وابن مسعود وعائشة.
والتقدير:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} أي بعمل الصغائر، وذلك دون الشرك والكبائر.
وقوله:{وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}. قال محمد بن يزيد:(هو الذي يعطي الدنيا حقها والآخرة حقها). فيعود الضمير في {يَدْخُلُونَهَا} على الجميع يدخلون جنات عدن برحمة الله. وروي عن كعب الأحبار ما يؤكد ذلك قال:(استوت مناكبهم - ورب الكعبة - وتفاضلوا بأعمالهم) ذكره القرطبي.
واختار ابن جرير هذا التفسير - أي التفسير الأول -.
التفسير الثاني: قيل بل عُني بالكتاب الذي أورثه هؤلاء القوم: شهادة أن لا إله إلا