للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بإجابة الدعوة في المسجد، وتكفل الله بكل خطوة إلى الصلاة أن يرفع صاحبها ويمحو من خطاياه.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [كُلُّ سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تَعْدِلُ بين الاثنين صدقة، وتعينُ الرجل في دابته فتحمله أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة] (١).

والسلامى واحد السلاميات، وهي مفاصل الأصابع، وهو في الأصل عظم في فِرْسنِ البعير، فلعل المعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة، والله تعالى أعلم.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفَعُ به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط] (٢).

فهذه الآية: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ. . .} -مع أن السورة مكية والكلام في المدينة حول بني سلمة- فلربما نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة أو بالمدينة فقط، والله تعالى أعلم.

وعن مجاهد: ({مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}، قال: خطاهم بأرجلهم). وقال قتادة: (لو كان مُغْفَلًا شيئًا من شأنك يا ابن آدم أغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار).

ولكن الله منّ بكرمه على المؤمن أن أثابه على خطوات الغدو والرواح إلى المسجد معًا. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [من غدا إلى المسجد أو راح، أعدَّ الله له في الجنة نزلًا كلما غدا أو راح] (٣).

وقد رأى بعضهم أن البعد عن المسجد أفضل من القرب للأحاديث السابقة، ثم اختلفوا هل له أن يجاوز المسجد الأقرب للأبعد؟ ومذهب مالك أن لا يدع مسجدًا قربَه ويأتي غيره.


(١) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٢٧٠٧)، (٢٨٩١)، (٢٩٨٩)، ورواه مسلم، وغيرهما.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٥٤)، كتاب الطهارة. باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٦٢)، كتاب الأذان. باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح.
ورواه مسلم (٦٦٩)، كتاب المساجد. والنزل: ما يهيأ للضيف عند قدومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>