للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن قتادة: {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ}: (أي مطيع). والهاء في قوله (له) عائدة على داود عليه السلام، أي تأتيه وتشاركه تسبيحه. وقيل: بل الهاء لله عز وجل. فعن السدي: (قوله: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} يقول: مسبح لله).

وقوله: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}. فيه تفاسير:

التفسير الأول: أي قويناه بأسباب القوة والثبات. قال القرطبي: (أي قويناه حتى ثبت).

التفسير الثاني: أي قويناه بوفرة الجنود وكثرة الحرس. فعن السّدي: (قوله: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} قال: كان يحرسه كلّ يوم وليلة أربعة آلاف، أربعة آلاف). وعن ابن عباس قال: (كان داود أشد ملوك الأرض سلطانًا. كان يحرس محرابه كل ليلة نيف وثلاثون ألف رجل، فإذا أصبح قيل: ارجعوا فقد رضي عنكم نبيّ الله).

التفسير الثالث: قيل بل بالهيبة وإلقاء الرعب منه في القلوب. قال القاسمي رحمه الله: (أي قويناه بوفرة العَدَدِ والعُدَدِ ونفوذِ السلطة وإمداده بالتأييد والنصر). وقال ابن العربي: (بالتأييد والنصر).

وجملة القول أن الله سبحانه قد أعطى نبيّه داود عليه السلام من أسباب القوة والملك ما يُذِلُّ به أعداءَه وينصر به الحق ويحميه. قال الحافظ ابن كثير: (أي جعلنا له ملكًا كاملًا من جميع ما يحتاج إليه الملوك).

وقوله: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} - فيه معان متقاربة:

المعنى الأول: الحكمة: أي النبوة. فعن السّدي: ({وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} قال: النبوة).

المعنى الثاني: العدل. فعن مجاهد: ({وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} قال: العدل).

المعنى الثالث: السنة. فعن قتادة: (قال: السنة).

المعنى الرابع: العلم بكتاب الله تعالى. ذكره أبو العالية.

المعنى الخامس: العلم والفقه. قاله شريح.

وجملة القول أنّه سبحانه أضاف له في قوة السلطان والحديد قوة في العلم والفهم والعقل والذكاء والمعرفة بالعدل الذي دلّ عليه الوحي ليحكم بمنهج النبوة والحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>