للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}. قال قتادة: (شديد واللَّه).

والمقصود: فكيف كان انتقامي منهم؟ ألم أهلكهم فأجعلهم للخلق عبرة ولمن بعدهم عظة؟ فالديار خراب، والمساكن خلاء!

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّار}.

أي: كما وجب العذاب على الأمم التي كذبت رسلها قبلك -يا محمد- كذلك وجبت كلمة ربك على كفار قومك الذين اتخذوا الجدال بالباطل طريقًا لهم لدحض الحق الجلي.

قيل: {أَنَّهُمْ} بدل من الكلمة، والتقدير: أحقت الكلمة حقًا أنهم أصحاب النار. وقيل: بل هي ترجمة عن الكلمة، والتقدير: وكذلك حق عليهم عذاب النار الذي وعد اللَّه أهل الكفر به - واختاره ابن جرير.

وقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.

قال ابن كثير: (أي: يقْرِنون بين التسبيح الدّال على نفي النقائص، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح). قال النسفي: ({يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي مع حمده، إذ الباء تدل على أن تسبيحهم بالحمدلة).

قلت: وحملة العرش هم سادة الملائكة، وأعظمهم قوة وخلقًا.

كما قال تعالى في سورة الحاقة: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٧].

وقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن ملك من ملائكة اللَّه تعالى حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مئة سنة] (١).

وله شاهد عند الطبراني بسند جيد من حديث أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنهِ العرش،


= (٢/ ٧٠). وكذلك (٢/ ٨٢)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٣٨).
(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٧٢٧)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>