أرجى منها، إن ملكًا واحدًا لو سأل اللَّه أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين).
وقوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}. أي رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم، وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم.
وقوله: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}. أي: فاصفح عمن أساء ثم جاء تائبًا مطيعًا.
قال قتادة: ({فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} من الشرك {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} أي طاعتك).
وقوله: {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}. أي: اصرف عن الذين تابوا واتبعوا سبيلك عذاب النار يوم القيامة.
وقوله: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}. أي: ربنا اجمع بينهم وبينهم، ممن عمل صالحًا مثلهم ليتم سرورهم بهم.
كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: ٢١].
أخرج البزار والبغوي بسند صحيح عن ابن عباس رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنّ اللَّه لَيَرْفَعُ ذُرَّية المؤمن إليه في درجته، وإنْ كانوا دونه في العمل، لِتَقَرَّ بهم عَيْنُه، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} الآية، ثم قال: وما نَقَصْنا الآباءَ بما أَعْطَينا البنين] (١).
وقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. أي إنك أنت -يا ربنا- العزيز في انتقامه من أعدائه، الحكيم في تدبيره وشرعه وقدره.
وقوله: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ}. قال قتادة: (أي العذاب). أي: وقِهم عذاب السيئات. وقال أيضًا: (أي وقهم ما يسوؤهم). والمقصود: وقهم فعل السيئات أو الوقوع في حبائلها.
وقوله: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ}. أي: ومن تق السيئات وعواقبها يوم القيامة فقد رحمته بالنجاة والجنة {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
(١) صحيح الإسناد. أخرجه البزار (ص ٢٢١)، وابن عدي (ق ٢٧٠/ ١)، والبغوي في "التفسير" (٨/ ٨٢)، والحاكم (٢/ ٤٦٨)، وانظر السلسلة الصحيحة (٢٤٩٠).