بالعذاب، وقالوا: نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا. وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم). قيل: وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل بيده.
أي: أولم يروا أن اللَّه الذي خلقهم أوسع منهم قدرة، لأنه قادر على كل شيء، وهم قادرون على بعض الأشياء بإقداره لهم، ولو شاء لَعَطَبَهُم وعطَّل حرَكَتَهُم وقدرتهم.
وقوله:{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}. أي: وكانوا بمعجزاتنا يكفرون، وهم يعلمون أن تلك الآيات حق، وإنما منعهم البغي والكبر.
وقوله:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}. قال مجاهد:(شديدة). أو قال:(شديدة السَّموم عليهم). وقال قتادة:(الصرصر: الباردة). وقال السدي:(باردة ذات الصوت). قال ابن كثير:(والحق أنها مُتّصفة بجميع ذلك، فإنها كانت ريحًا شديدة قوية، لتكونَ عُقوبَتُهم من جنس ما اغترُّوا به من قُواهم، وكانت باردة شديدة البرد جدًا كقوله تعالى:{بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}[الحاقة: ٦]، أي باردة شديدة، وكانت ذاتَ صوت مزعج، ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صَرْصَرًا، لقوة صوت جريه).
وقوله:{فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}. قال ابن عباس:(أيام متتابعات أنزل اللَّه فيهن العذاب). وقال مجاهد:(مشائيم). وقال قتادة:(النحسات: المشؤومات النكدات). قال ابن زيد:(النحس: الشر، أرسل عليهم ريح شرٍّ ليس فيها من الخير شيء). وقال الضحاك:(شداد).
قلت: وأصل النَّحْسِ في لغة العرب ضِدُّ السَّعْد، فيكون المعنى: أرسل اللَّه عليهم الريح الصرصر في أيام ذوات نحس: أي ذوات شؤم وشر وشدة عليهم، ابتُدئ بذلك عليهم {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}[القمر: ١٩]، ثم تتابع النحس عليهم سبع ليال وثمانية أيام حتى أبادهم عن آخرهم.
وقوله:{لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ}. أي: اتصل بهم عذاب الدنيا بالريح العقيم بعذاب الآخرة الأدهى والأمَرِّ في نار الجحيم، ثم هم لا ينصرون في الآخرة، كما خُذلوا ولم ينصروا في الدنيا.
وقوله:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}. -أي هداية الرسل- هداية الدلالة والإرشاد. قال