في هذه الآيات: فناءُ زينة هذه الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند اللَّه وأبقى للمؤمنين المتوكلين، المجتنبين الكبائر والفواحش والمعظمين أوامر ربهم وإذا أصابهم البغي كانوا من المنتصرين، فمن صبر وعفا وغفر كان من المحسنين.
فقوله:{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. قال القرطبي:({فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ} يريد من الغنى والسعة في الدنيا. {فَمَتَاعُ} أي فإنما هو متاع في أيام قليلة تنقضي وتذهب، فلا ينبغي أن يتفاخر به. والخطاب للمشركين).
وقوله:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}. قال القاسمي:({وَمَا عِنْدَ اللَّهِ} أي من ثوابه الأخروي {خَيْرٌ وَأَبْقَى} وذلك لخلوصه عن الشوائب ودوامه {لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي في أمورهم وقيامهم بأسبابهم).
وقوله:{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ}. قال ابن عباس:(كبير الإثم هو الشرك). وقال السدي:(الفواحش: الزنى). قال النسفي:{وَالْفَوَاحِشَ} قيل ما عظم قبحه فهو فاحشة كالزنا).
وقوله:{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}. أي يتجاوزون ويحلمون عمن ظلمهم أو أساء إليهم. وقوله:{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ}. أي أجابوا ربهم حين دعاهم إلى توحيده والبراءة مما يعبد من دونه. قال عبد الرحمن بن زيد:(هم الأنصار بالمدينة، استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين أنفذ إليهم اثني عشر نقيبًا منهم قبل الهجرة).
وقوله:{وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}. أي أدّوها لمواقيتها بشروطها وهيئاتها.