للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمصار، لولا ذلك لم تطيقوا براح أفنيتكم ودوركم، ولكنها نعمة أنعم بها عليكم).

وقوله: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ}. أي: أنزل لكم من المطر بحسب كفاية زروعكم وثماركم وحاجاتكم من الشرب أنتم وأنعامكم. قال ابن جرير: (فلم يجعله كالطوفان فيكون عذابًا كالذي أنزل على قوم نوح، ولا جعله قليلًا، لا ينبت به النبات والزرع من قلّته، ولكنه جعله غيثًا مغيثًا).

وقوله: {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}. قال القاسمي: (أي أحيينا به بلدة ميتًا من النبات، قد درست من الجدب وعفت من القحط).

وقوله: {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}. قال قتادة: (كما أحيا اللَّه هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة). فنبّه سبحانه بإحياء الأرض على إحياء الأجساد بعد فنائها ليوم الحشر.

وقوله: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا}. قال ابن جرير: (واللَّه خلق كل شيء فزوّجه، أي خلق الذكور من الإناث أزواجًا، والإناث من الذكور أزواجًا). قلت: وهذا في سائر أصناف النباتات، وجميع أجناس الحيوانات.

وقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ}. الفلك: السفن. والأنعام: البهائم. أي: سَخّرَ لكم السفن للركوب في البحر، وذلّل لكم الأنعام للركوب في البرّ، إضافة إلى استمتاعكم بأكل لحومها وشرب ألبانها ولبس أصوافها.

وقوله: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ}. قال النسفي: (على ظهور ما تركبونه وهو الفلك والأنعام).

وقوله: {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ}. قال القرطبي: (أي ركبتم عليه، وذكر النعمة هو الحمد للَّه على تسخير ذلك لنا في البر والبحر).

وقوله: {وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}. أي: ننزه اللَّه الذي ذلّل لنا هذا الركوب وما كنا له مطيقين ولا ضابطين. فعن ابن عباس: ({وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}.يقول: مطيقين) قال مجاهد: ({مُقْرِنِينَ} قال: الإبل والخيل والبغال والحمير). وقال ابن زيد: (لسنا له مطيقين، قال: لا نطيقها إلا بك، لولا أنت ما قوينا عليها ولا أطقناها).

وقوله تعالى: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}. أي: لصائرون بعد موتنا، فله سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>