وقوله:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}. قال مجاهد:(للأوثان). قال القرطبي:(يعني قال المشركون على طريق الاستهزاء والسخرية: لو شاء الرحمن على زعمكم ما عبدنا هذه الملائكة).
والمقصود: كان منطق المشركين أن لو أراد اللَّه لحال بيننا وبين عبادة هذه الأصنام التي هي على صور الملائكة التي هي بنات اللَّه، فجمعوا بذلك بين أنواع كبيرة من الخطأ:
أ- جعلهم للَّه ولدًا.
ب- دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا.
ج- عبادتهم لهم بلا دليل وإنما خبْط الجاهلية.
د- احتجاجهم بالقدر على عبادتهم الفاسدة.
وقوله:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}. قال قتادة:(أي ما لهم بقولهم: الملائكة بنات اللَّه، من علم). والمقصود: ما لهم بصحة ما قالوه واحتجوا به من علم يُرجع إليه وإنما هو الكذب والادعاء.
وقوله:{إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}. أي يكذبون ويتقوّلون. قال مجاهد:({إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}: ما يَعْلَمُونَ قُدْرةَ اللَّه على ذلك). وذلك أنهم زعموا أن اللَّه أمرهم بتلك العبادة أو رضيها منهم.
في هذه الآيات: يقول سبحانه: أم آتينا هؤلاء المتخرصين القائلين لو شاء الرحمن ما عبدناهم كتابًا بحقيقة قولهم من قبل القرآن، أو من قبل قولهم وشركهم، فهم مستمسكون يعملون به؟ ! كلا بل حجتهم آباؤهم، شأن الأمم الهالكة قبلهم.
فقوله تعالى:{أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ}. إنكارٌ على المشركين عبادتهم دون دليل وبرهان. قال النسفي: ({أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ} من