للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قتادة: ({أَمْ هُوَ} يعنون محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-). وفي قراءة ابن مسعود "آلهتنا خيرٌ أمْ هذا". وهو يقوي قول قتادة، فهو استفهام تقرير في أن آلهتهم خير.

وقوله: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}. أي: ما أرادوا بذلك التمثيل الفاسد إلا الجدل والخصومة.

أخرج الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ما ضَلَّ قومٌ بعد هُدًى كانوا عليه إلا أُورِثوا الجدل. ثم تلا هذه الآية: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}] (١).

وقوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}. يعني عيسى -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنعم اللَّه عليه بالنبوة والرسالة.

وقوله: {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}. قال قتادة: (آية لبني إسرائيل). وقال ابن كثير: (أي: دلالة وحجة وبرهانًا على قدرتنا على ما نشاء).

وقوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}. أي: لو شاء اللَّه أفنى البشر وجعل بدلًا منهم ملائكة يخلفونهم في الأرض، أو يخلف بعضهم بعضًا. قال السدي: (يخلفونكم فيها). وقال مجاهد: (يعمرون الأرض بدلًا منكم). وقال ابن عباس: (يخلف بعضهم بعضًا). وقال قتادة: (يخلف بعضُهم بعضًا، كما يخلفُ بعضكم بعضًا).

وقوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}. قال ابن عباس: (خروج عيسى بن مريم). وفي رواية: (نزول عيسى بن مريم). وقال مجاهد: (آية للساعة خروج عيسى بن مريم قبل يوم القيامة). وقال قتادة: (نزول عيسى بن مريم علم للساعة: القيامة).

ومن ذهب أن المقصود القرآن، أو ما بعث به عيسى -عليه السلام- من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الأسقام، فقد أبعد في التأويل، بل قد صح في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد عن ابن عباس أن المقصود بقوله. {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة. ويؤيد ذلك القراءة الأخرى: "وإنه لَعَلَمٌ للساعة" أي أمارة ودليل على اقترابها.


(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٣٢٥٣)، وابن ماجة (٤٨)، وأحمد (٥/ ٢٥٢)، والحاكم (٢/ ٤٤٨)، والطبري (٣٠٩٣٨)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>