للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل ينام أهل الجنة؟ قال: لا، النوم أخو الموت] (١).

وفي رواية الطبراني: [النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون].

وفي رواية لغيره: [النوم أخو الموت، ولا ينام أهل الجنة].

وقوله: {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}. نور على نور، وفضل على فضل، فقد جمع لهم سبحانه بين الخلود في الجنان، وتحريم أجسامهم عن النيران، لتقر عيونهم وقلوبهم.

وقوله: {فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ}. قال القرطبي: (أي فعل ذلك بهم تفضّلًا منه عليهم).

وفي الصحيحين والمسند من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لن يُدْخِلَ أحدًا منكم عملُه الجنة، ولا يحجيه من النار، قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللَّه؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه منه بفضل ورحمة. فسدّدوا وقاربوا وأبشروا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدُّلْجة، والقَصْد القَصْد تبلغوا. واعلموا أن أحبَّ العمل إلى اللَّه أدومُه وإنْ قلَّ] (٢).

وفي لفظ ابن ماجة: [قاربوا وسدّدوا. فإنّه ليس أحَدٌ مِنكم بِمُنْجيه عَمَلُه. قالوا: ولا أنت؟ يا رسول اللَّه! قال: ولا أنا. إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة منه وفضل].

وقوله: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. أي: غاية السعادة والربح العظيم والفوز الكبير، فإن الفرح بدخول الجنة والنجاة من النار لمن أعظم الفرح، ولا ينافسه إلا الحصول على رضوان اللَّه فلا يسخط أبدًا، ولذة النظر إلى وجهه الكريم فلا يبأس بعده أبدًا.

وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. قال قتادة: (أي هذا القرآن). وقال ابن زيد: (القرآن، ويسرناه: أطلق به لسانه).

والمقصود: إنما أنزلناه قرآنًا عربيًا فصيحًا سهلًا واضحًا بأفصح اللغات وأجلاها وأحلاها وأعلاها، وسهّلنا ذكره وتلاوته على لسانك وعلى من يقرؤه لعلهم يتعظون ويتفهّمون وينزجرون.


(١) حديث حسن. أخرجه البزار (٣٥١٧)، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٩٢٣)، وأبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٩٠)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٨٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤/ ٤٨)، ومسلم (٨/ ١٤٠)، وأحمد (٢/ ٢٦٤)، والسياق لمسلم. وانظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٣٨٦) - كتاب الزهد. باب التوقي على العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>