في هذه الآيات: امتنانُ اللَّهُ تعالى على عباده تسخيره البحر لهم للمنافع والركوب لعلهم يشكرون، وتسخيره لهم ما في السماوات وما في الأرض لعلهم يتفكرون، وترغيب المؤمنين بالعفو والصفح حتى يأتي أَمْرُ اللَّه البين، فكل نفس بما كسبت رهينة ثم إلى ربكم -معشر العباد- ترجعون.
فيه ذكر كمال قدرته وتمام نعمته على عباده، بأن سخّر لهم البحر بما فيه، والسفن تجري فيه بأمره. قال ابن كثير:(فإنه هو الذي أمر البحر أن يحملها).
وقوله:{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}. أي: في الأسفار والتجارات والمكاسب والمعايش.
قال النسفي:(بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري).
وقوله:{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. أي: ما ذلَله لكم عبر البحر، إما من داخله أو من العبور فوقه بالخيرات والأمتعة من الأقاليم النائية والأقطار المتباعدة.
أي: من النجوم والجبال، والشجر والدواب والبحار والأنهار، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى من فضله وحده. قال القرطبي:({جَمِيعًا مِنْهُ} يعني أن ذلك فعله وخلقه وإحسانٌ منه وإنعام).
وقوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. قال القاسمي:(أي: في آيات اللَّه وحججه وأدلته، فيعتبرون بها ويتفكرون).