للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخين عن عوف بن مالك قال: [انطلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا معشر اليهود، أروني اثني عشر رجلًا منكم يشهدون أنه لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه يحط اللَّه عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه. قال: فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم ردّ عليهم فلم يجبه أحد، ثم ثَلَّثَ فلم يجبه أحد. فقال: أبيتم، فواللَّه إني لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبي المصطفى آمنتم أو كذبتم، ثم انصرف وأنا معه، حتى إذا كدنا نخرج نادى رجل من خلفنا: كما أنت يا محمد. قال: فأقبل فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني يا معشر اليهود؟ قالوا: واللَّه ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب اللَّه منك ولا أفقه منك ولا من أبيك قبلك ولا من جدّك قبل أبيك. قال: فإني أشهد له بأنه نبي اللَّه الذي تجدونه في التوراة. قالوا: كذبت، وردّوا عليه قوله وقالوا فيه شرًا. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كذبتم لن يقبل قولكم، أما آنفًا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، ولما آمن كذبتموه وقلتم فيه ما قلتم فلن يقبل فيه قولكم. قال: فخرجنا ونحن ثلاثة، رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا، وعبد اللَّه بن سلام. وأنزل اللَّه عز وجل فيه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}] (١).

وقد صح إسلام عبد اللَّه بن سلام قبل ذلك، ولكنه ربما كان يخفي إسلامه.

وفي الصحيحين والمسند عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: [ما سمعت النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ لأحدٍ يمشي على الأرض: إنَّه مِنْ أَهْلِ الجنة، إلا لعبد اللَّه بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: ١٠] الآية] (٢).

ومعنى الآية: قل -يا محمد- لهؤلاء الكافرين بالقرآن، أرأيتم إن كان هذا القرآن من عند اللَّه قد أنزله عليّ حقًا وكفرتم به، وشهد بصدقه شاهد منكم ومن أكابر علمائكم


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (ج ٦) (ص ٢٥)، والطبراني ورجاله رجال الصحيح، وانظر صحيح ابن حبان (٧١٦٣)، ورواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي. والأصح أنه على شرط مسلم. انظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" - الوادعي - سورة الأحقاف، آية (١٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٨١٢) - كتاب مناقب الأنصار. وأخرجه مسلم (٢٤٨٣)، وأخرجه أحمد (١/ ١٦٩)، والنسائي (١٤٨)، وابن حبان (٧١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>