في هذه الآيات: تهديدٌ شديد لكفار مكة الذين يصدون عن الدين الحق بالغرق في الضلالات. ووعدٌ أكيد للمؤمنين المتبعين رسولهم بتكفير السيئات ورفع الدرجات.
فقوله:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. قال ابن عباس:(نزلت في أهل مكة). أي: كفروا بآيات اللَّه وجحدوا نبوة رسوله، وحالوا دون اختيار الناس الإيمان باللَّه ونبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فصدوهم ووقفوا في طريقهم وبسطوا أيديهم نحوهم بالأذى.
وقوله:{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}. أي جعل أعمالهم ضلالًا على غير هدى وغير رشاد. قال ابن كثير:(أبْطَلها وأَذْهَبَها ولم يَجْعَل لها ثوابًا ولا جزاءً، كقوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان: ٢٣]).
وقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. قال ابن عباس:(الأنصار). قلت: بل الآية بعمومها تشمل المهاجرين والأنصار ومن مضى على منهاجهم في الإيمان والامتثال.
وقوله:{وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}. قال سفيان الثوري:(لم يخالفوه في شيء). والآية من باب عطف الخاص على العام، وفيها دليل أنه لا يستقيم الإيمان دون إقامة مفهوم شهادة: أن محمدًا رسول اللَّه. قال النسفي: ({وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} وهو