وهم على ذلك من كفرهم. . . فلن يعفو اللَّه عما صنع من ذلك، ولكنه يعاقبه عليه ويفضحه به على رؤوس الأشهاد).
وقوله:{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}. الوهن: الضّعف. والسَّلم: الصُلح. قال مجاهد:({فَلَا تَهِنُوا}: لا تضعفوا). وقال قتادة:(أي لا تكونوا أولى الطائفتين تصرع). أو قال:(لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها ودعتها إلى الموداعة، وأنتم أولى باللَّه منهم واللَّه معكم).
وقوله:{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}. قال مجاهد:(الغالبون). وقيل:(وأنتم الأعلون في الحجة). وقيل:(وأنتم أعلم باللَّه منهم). وقيل:(المعنى: وأنتم الغالبون لأنكم مؤمنون وإن غلبوكم في الظاهر في بعض الأحوال).
قلت: والآية تدل على منع الميل إلى الصلح أو مهادنة الكفار إن لم يكن بالمسلمين حاجة لذلك، والقرار للحاكم المسلم، كما بسطت ذلك في كتابي: السياسة الشرعية على منهج الوحيين القرآن والسنة الصحيحة، فلله الحمد والمنة.
وقوله:{وَاللَّهُ مَعَكُمْ}. أي بنصره وتوفيقه وتأييده، وهو بشارة عظيمة بالظفر. وقوله:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}. قال مجاهد:(لن ينقصكم). وقال ابن عباس:(لن يظلمكم أجور أعمالكم). والمقصود: وأنتم الغالبون أيها المؤمنون واللَّه مؤيدكم بنصره، ولن يبطل أعمالكم أو يسلبها أو ينقصها بل يوفيكم ثوابها وأضعافًا مضاعفة منها.
في هذه الآيات: تنبيهُ المؤمنين إلى غرور هذه الحياة الدنيا التي تشغل عن الإيمان والجهاد، والإنفاق في سبيل اللَّه. والتلميح بالعقاب والاستبدال، إن تولى أو ضعف الرجال.