في هذه الآية: إثبات الرسالة للنبي عليه الصلاة والسلام، ونَعْتُ أصحابه الغرّ الكرام، وذِكْرُ صفتهم في التوراة والإنجيل والقرآن، وَوَعْدُهُ تعالى عباده المؤمنين بالنصر والمغفرة والظهور على الطغاة اللئام.
فقوله:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}. إثبات للنبوة والرسالة بكلام جامع بديع.
وقوله:{وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. إخبار عن صفة أتباعه عليه الصلاة والسلام، فهم أولو بأس وشدة عند مجالدة الكافرين، وأولو رحمة ورأفة بين بعضهم بعضًا. قال قتادة:({رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ألقى اللَّه في قلوبهم الرحمة بعضهم لبعض). والآية كقوله تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة: ٥٤]. قال ابن كثير:(وهذه صفةُ المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا بَرًّا بالأخيار، غَضُوبًا عَبُوسًا في وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا في وجه أخيه المؤمن، كما قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة: ١٢٣]).
وفي الصحيحين والمسند عن النعمان بن بشير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ترى المؤمنين في تراحُمهم وتوادّهم وتعاطُفهم كمَثَل الجَسَدِ إذا اشتكى عُضْوًا تداعى له سائر جسدِه بالسَّهر والحُمَّى](١).
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٦٠١١) - كتاب الأدب، وأخرجه مسلم (٢٥٨٦) - كتاب البر والصلة، ورواه أحمد في المسند (٤/ ٢٧٠).