وسَحْنته وسَمْته وخشوعه). وقال مجاهد:(الخشوع والتواضع).
٣ - وعن شمر عن عطية قال:(تهيّج في الوجه من سهر الليل).
وقال سعيد بن جبير:(ثرى الأرض، وندى الطهور). وقال عكرمة:(هو أثر التواب). وقال السدي:(الصلاة تُحَسِّنُ وجوههم). وقال بعض السلف:(من كَثُرت صلاته بالليل حَسُن وجهه بالنهار). وقال بعضهم:(إنَّ للحسنة نورًا في القلب، وضياءً من الوجه، وسَعَةً في الرزق، ومَحَبَّةً في قلوب الناس).
والخلاصة: أنَّ لكثرة السجود علامة إشراق في الوجه، وقد تمَيّز الصحابة رضوان اللَّه عليهم بتلك السمة الباهرة لكثرة ما هم فيه من الصلاة وطول السجود والقيام. قال الإمام مالك:(بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون: واللَّه لهؤلاء خيرٌ من الحواريين فيما بَلَغنا).
وفي مسند أحمد وسنن أبي داود بسند حسن عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:[إنَّ الهَدْيَ الصالحَ والسَّمتَ الصالحَ والاقتصاد جزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة](١).
وقوله:{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}. أي: بهذه الأوصاف الرفيعة ذُكروا في التوراة.
وقوله:{وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ}. أي: ومثلهم في إنجيل عيسى كزرع أخرج نباته فهو يترعرع بكثرة مذهلة.
قال ابن عباس:(قوله: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}: سنبله حين يتسلع نباته عن حباته). وقال قتادة:(أخرج نباته. قال: هذا مثل أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- في الإنجيل، قيل لهم: إنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). وقال مجاهد:({كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}: ما يخرج بجنب الحقلة فيتم وينمى). وقال ابن زيد:(أولاده، ثم كثرت أولاده).
وأما قوله:{فَآزَرَهُ} يعني: فقواه. قال مجاهد:(فشده وأعانه). وقال ابن زيد: ({فَآزَرَهُ}: اجتمع ذلك فالتفّ، وكذلك المؤمنون خرجوا وهم قليل ضعفاء، فلم
(١) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٩٦)، وأبو داود في السنن (٤٧٧٦) - كتاب الأدب، باب في الوقار. انظر صحيح سنن أبي داود (٣٩٩٦).