ويُعتقِون ولا نُعتِق! قال: أفلا أُعَلِّمُكُم شيئًا إذا فعلتموه سَبَقْتُم مَنْ بعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَنْ فَعَلَ مثل ما فعلتم؟ تُسَبِّحُون وتحمدون وتكبرون دُبُرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين. قال: فقالوا: يا رسولَ اللَّه، سمِعَ إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعلنا، ففعلوا مثله. قال: ذلك فضلُ اللَّه يؤتيه من يشاء] (١).
في هذه الآيات: تسليةُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من تكذيب قومه بذكر ساعة البعث من القبور لمشهد الحشر، ثم القيام بين يدي الجبار لفصل الأمر. وأمره تعالى له بالتذكير بالقرآن ففيه الذكرى من أراد خير المستقر.
فقوله تعالى:{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}. قال كعب:(ملك قائم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة، إن اللَّه يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء). وقال قتادة:(كنا نحدّث أنه ينادى من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض).
قلت: والأَوْلى عدم تحديد المكان الذي ينادى منه ما دام لم يقم دليل قوي للاحتجاج. فيكون المعنى كما قال ابن جرير:(واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب).
وقوله:{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ}. قال ابن كثير:(يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون).
وقوله:{ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}. أي: ذلك يوم خروج أهل القبور من قبورهم.
وقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}. أي: هو الذي يحيي الأموات
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٥٩٥)، كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته. والدثور: واحدها دثر، وهو المال الكثير.