للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مجاهد: ({وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} الموقد). وكذلك قال ابن زيد وقرأ: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} قال: (أوقدت). وقال قتادة: ({وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} الممتلئ). وبالجمع بين القولين: هو ممتلئ اليوم وسيسجر -أي يوقد- يوم القيامة نارًا.

وقوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} جواب القسم. فالواو الأولى للقسم والبواقي للعطف، وهذا جواب القسم -أي: إن عذاب ربك -يا محمد- لنازل حالّ بالكافرين به يوم القيامة.

وقوله تعالى: {مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}. أي: ليس لهم من دافع يدفع عنهم ذلك العذاب إذا نزل بهم، أو ينقذهم منه.

وقوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا}. المَوْرُ: التحرك. قال ابن عباس: (تتحرك تحريكًا). وقال: (هو تَشَقُّقها). وقال مجاهد: (تدور دورًا). وقال الضحاك: (يموج بعضها في بعض). والمقصود: استدارتها وتحريكُها لأمر اللَّه، وموج بعضها في بعض.

وقوله تعالى: {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا}. أي: تسير كسير السحاب اليوم في الدنيا، فتذهب فتصير هباء مُنْبَثًا، وتُنْسَفُ نسفًا. كما قال تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: ٨٨]. وكقوله جل ذكره: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: ٤ - ٦].

وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}. أي: فويل للمكذبين في ذلك اليوم من بأس اللَّه وغضبه وعذابه الذي سينزل بهم. والوَيْل: كلمة تقال للهالِكِ تنذره بالهلاك.

وقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} -أي في غفلة ولهو واستهزاء بالدين-. قال ابن جرير: (الذين هم في فتنة واختلاط في الدنيا يلعبون غافلين عما هم صائرون إليه من عذاب اللَّه في الآخرة).

وقوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}. أي يدفعون إليها ويساقون لها مهانين. قال ابن عباس: (يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار). وقال: (يدفعون فيها دفعًا). وقال قتادة: (يزعجون إليها إزعاجًا). قال الضحاك: (الدعّ: الدفع والإرهاق).

وقوله تعالى: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}. أي: تقول لهم الزبانية تقريعًا وتوبيخًا: هذه النار التي كنتم تجحدون أمرها وتنكرون صِليّها، فهي الآن على مرأى أعينكم قريبة من أجسامكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>