للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحضورهم حوله، وهذا لا ينقصه من تضاعف أجره لقاء رفيع أعماله شيئًا.

وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا ربِّ، أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك] (١). وفي لفظ: [إنّ الرجل لترفعُ درجته في الجنة، فيقول: أنّى لي هذا. فيقال: باستغفار ولدك لك].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا مات ابنُ آدمَ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثٍ: صَدَقةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له] (٢).

وقوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}. إخبار عن مقام العدل بعد مقام الإحسان.

قال القاسمي: ({كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} أي بما عمل من خير أو شر مرتهن به، لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، وإنما يعاقب بذنب نفسه).

وقوله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}. أي: وزدناهم على ما هم فيه من جميل المقام ما لَذّ وطاب من ألوان الفاكهة واللحوم.

وقوله تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}.

أي: ويتعاطون -إضافة لما سبق من الملذات- كأسًا من الخمر الذي لا يصدر عن صاحبه هذيان أو فاحش من القول أو الفعل -كما هو حال شربة الخمر في الدنيا-.

قال ابن عباس: ({لَا لَغْوٌ فِيهَا} يقول: لا باطل فيها). وقال مجاهد: (لا يستبّون).

وقال قتادة: (لا لغو فيها ولا باطل، إنما كان الباطل في الدنيا مع الشيطان).

قال ابن جرير: ({وَلَا تَأْثِيمٌ}: ولا فعل فيها يُؤثم صاحبه).

فنزّه اللَّه خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وما يصدر عنها من أذى: كصداع الرأس، وذهاب العقل، ووجع البطن، ونهوض إلى الفواحش والآثام.

ففي معجم الطبراني "الكبير" و"الأوسط" بسند حسن عن ابن عباس مرفوعًا:


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ٥٠٩)، وابن ماجة (٣٦٦٠)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٢/ ٤٤/ ١)، وإسناده حسن. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥٩٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٦٣١) - كتاب الوصية. باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>