وقوله:{بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ}. تكذيب لدعواهم. أي: إنما حملهم على ذلك القول كفرهم بالحق الذي جاءهم من عند ربهم.
وقوله تعالى:{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}. أي: فليأتوا بقرآن يشبهه من تلقاء أنفسهم إن كانوا صادقين في دعواهم أن محمدًا افتراه، فهم أهل الفصاحة والإتقان للعربية وفنونها! ! . إنهم لن يستطيعوا ذلك ولو اجتمع لهم فصحاء الجن والإنس، بل لن يستطيعوا أن يأتوا بعشر سور مثله، ولا بسورة من مثله.
في هذه الآيات: تتابع التقريع من اللَّه تعالى على المشركين، في كشف تناقضات طريقهم واتباع الهوى والشياطين، وفضح مكرهم وما هم عليه من العداء لهذا الحق المبين.
فقوله تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}. إثبات للربوبية ومطالبة بمقتضاها: توحيد الألوهية. قال ابن جرير:(أخُلِقَ هؤلاء المشركون من غير شيء، أي من غير آباء ولا أمهات فهم كالجماد لا يعقلون ولا يفهمون للَّه حجة. -وقيل: المعنى: أم خلقوا لغير شيء- أم هم الخالقون هذا الخلق، فهم لذلك لا يأتمرون لأمر اللَّه ولا ينتهون عما نهوا عنه لأن للخالق الأمر والنهي).
وقوله تعالى:{أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ}. إنكار على المشركين شركهم بالألوهية، مع إقرارهم للَّه بالربوبية. قال النسفي:({أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فلا يعبدون خالقهما {بَلْ لَا يُوقِنُونَ} أي لا يتدبرون في الآيات فيعلموا خالقهم وخالق السماوات والأرض). وقال القاسمي:({بَلْ لَا يُوقِنُونَ} أي بوعيد اللَّه، وما أعد لأهل الكفر به من العذاب في الآخرة، فلذلك فعلوا ما فعلوا).