للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دار الدنيا قبل عذاب الآخرة. قال ابن زيد: (دون الآخرة في هذه الدنيا ما يعذبهم به من ذهاب الأموال والأولاد). وعن مجاهد: ({عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} قال: الجوع). وعن البراء: ({عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} قال: عذاب القبر). وعن قتادة أن ابن عباس كان يقول: (إنكم لتجدون عذاب القبر في كتاب اللَّه {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ}).

وعموم هذه الآية كقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: ٢١]. قال ابن كثير: ({وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، أي: نُعَذِّبهم في الدنيا، ونبتليهم فيها بالمصائب، لعلهم يرجعون وينيبون فلا يفهمون ما يُراد بهم، بل إذا جَلَّى عنهم مما كانوا فيه عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه).

وقوله: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}. أي: فاصبر -يا محمد- لحكم ربك وأمره وما يلحقك من أذى قومك ولا تبالهم، فإنك تحت كلاءتنا ورعايتنا وحفظنا. قال ابن جرير: ({فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}: فإنك بمرأى منا نراك ونرى عملك ونحن نحوطك ونحفظك فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين).

وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}. فيه أقوال متكاملة:

القول الأول: حين قيامك من كل نوم. فعن أبي الأحوص: ({وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} قال: سبحان اللَّه وبحمده. {حِينَ تَقُومُ} قال: من كل منامة، يقول حين يريد أن يقوم: سبحانك وبحمدك). واختار ابن جرير بأن المعنى: (وصل بحمد ربك حين تقوم من منامك وذلك نوم القائلة، وإنما عنى صلاة الظهر).

القول الثاني: حين القيام لصلاة الليل أو النهار. قال ابن زيد: ({وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}: إذا قام لصلاة من ليل أو نهار. وقرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} قال من نوم). وعن الضحاك قال: (إذا قام إلى الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك ولا إله غيرك).

القول الثالث: حين القيام لمغادرة المجلس. فعن مجاهد: ({وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} قال: من كل مجلس). وقال الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص: ({وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} قال: إذا أراد الرجلُ أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك).

قال عطاء: (يقول: حين تقومُ من كل مجلس، إن كنت أحسنت ازددتَ خيرًا، وإن كان غيرَ ذلك كان هذا كفارةً له).

<<  <  ج: ص:  >  >>