للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه). وقال في رواية أخرى: (إليها ينتهي علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علم، ولذلك سميت سدرة المنتهى، لانتهاء العلم إليها). وقال الضحاك: (لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر اللَّه لا يعدوها).

وفي صحيح البخاري من حديث مالك بن صعصعة مرفوعًا: [ورُفعت لي سِدرةُ المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال، وورقها كأنه آذان الفيول في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران] الحديث (١).

وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللَّه قال: [لما أسري برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- انْتُهِيَ به إلى سِدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يُهْبَطُ به من فوقها فيقبض منها] (٢).

وقوله تعالى: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}. قال النسفي: (أي الجنة التي يصير إليها المتقون، وقيل: تأوي إليها أرواح الشهداء).

وقوله تعالى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}. أي رآه إذ يغشى السدرة ما لا يحيط به الوصف من الروعة والجمال والحسن. وهو تعظيم وتكثير لما يغشاها.

وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللَّه السابق: [قال: {يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} قال: فراش من ذهب].

وفي صحيح مسلم من حديث أنس: [فلما غشيها من أمر اللَّه ما غَشِيَ تغيرت، فما أحد من خلق اللَّه يستطيع أن يَنْعَتَها من حُسْنِها] (٣).

وقوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}. أي ما مال بصر محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْدِل يمينًا وشمالًا عما رأى، ولا جاوز ما أمِرَ به. قال محمد بن كعب القرظي: ({مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} قال: رأى جبرائيل في صورة الملك).

وقوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}. قال عبد اللَّه بن مسعود: (رأى جبريل عليه السلام له ست مئة جناح) (٤). قال ابن زيد: (جبريل، رآه في خلقه الذي يكون به في السماوات قدر قوسين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما بينه وبينه). وقال ابن جرير: ({لَقَدْ رَأَى


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري. انظر: فتح الباري (٧/ ٢٠١ - ٢٠٢)، وقد مضى بتمامه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٧٣) - كتاب الإيمان. وقد مضى بتمامه قبل صفحات.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٦٢) - كتاب الإيمان، في أثناء حديث الإسراء الطويل.
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨٥٧)، كتاب التفسير، في أثناء حديث. ورواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>