في هذه الآيات: تكذيب قوم لوط نبيَّهم عليه الصلاة والسلام، وإصرارهم على فاحشتهم وكفرهم حتى نزل بهم من اللَّه أشد الانتقام، وقد جعل اللَّه قصة إهلاكهم آية وعبرة إلى آخر الزمان.
فقوله تعالى:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ}. إخبار عن تكذيب قوم لوط نبيّهم، ومخالفته فيما نهاهم عنه من إتيانهم الذكور، وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين.
وقوله:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا}. قال النّضر:(الحاصب الحصباء في الريح). وقال أبو عبيدة:(الحاصب الحجارة). وفي الصحاح:(والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحَصِبة). والمقصود: لقد أهلكهم اللَّه هلاكًا متفردًا كما تفرّدوا بفاحشتهم فسبقوا إليها، وكان إهلاكهم أن أمر تعالى جبريل -عليه السلام- فرفع مدائنهم ثم قلبها عليهم، وأُتبِعت بحجارة من سجيل منضود، وهي الحاصب الذي أرسله عليهم.
وقوله:{إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}. قال القرطبي:(يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه). والسَّحر هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر. قال الأخفش:({نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}: إنما أجراه لأنه نكرة، ولو أراد سَحَر يوم بعينه لما أجراه). وكذا قال الزجاج:({بِسَحَرٍ} إذا كان نكرة يُراد به سحَر من الأسحار).
وقوله:{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا}. قال ابن جرير:(والحاصب الذي حصبناهم به بسحر، بنعمة من عندنا: يقول: نعمة أنعمناها على لوط وآله، وكرامة أكرمناهم بها من عندنا).