في هذه الآيات: امتنانُ اللَّه تعالى على عباده بالنعم الجليلة التي حَفَّهم بها وأعظمها القرآن، ثم نعمة النطق والكلام، ثم نعمة الأرض وما فيها من الفاكهة والنخل والحب والريحان.
فقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ}. قال قتادة:(نعمة واللَّه عظيمة).
قال القاضي:(لما كانت السورة مقصورة على تعداد النعم الدنيوية والأخروية، صدّرها بـ {الرَّحْمَنُ} وقدّم ما هو أصل النعم الدينئة وأجلّها، وهو إنعامه بالقرآن، وتنزيله وتعليمه، فإنه أساس الدين، ومنشأ الشرع، وأعظم الوحي، وأعز الكتب، إذ هو بإعجازه واشتماله على خلاصتها، مصدق لنفسه، ومصداق لها).
وقوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}. قال قتادة:(الإنسان: آدم -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقال ابن زيد:({عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} قال: البيان: الكلام). وقال الحسن:(يعني النُّطق). وقال قتادة:(علمه اللَّه بيان الدنيا والآخرة، بين حلاله وحرامه، ليحتج بذلك على خلقه). وقال أيضًا:(تَبَيَّنَ له الخيرُ والشر، وما يأتي، وما يدع).
قال ابن كثير: (قول الحسن هاهنا أحسنُ وأقوى، لأن السياقَ في تعليمه تعالى القرآن، وهو أداءُ تلاوتِه، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخَلْقِ، وتسهيل خُروج