قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. أي: فبأي نعم اللَّه -معشر الجن والإنس- تكذبان من هذه النعم التي منها إرسال الأنهار والبحار وحفظها لما يستفاد منها.
وقوله تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}. أي: يخرج من كليهما اللؤلؤ: وهو ما عظم من الدر، والمرجان: ما صغُر منه وحَسُنُ. قال قتادة:(اللؤلؤ: الكبار من اللؤلؤ، والمرجان: الصغار منه). وقال مرّة:(المرجان: جيد اللؤلؤ). أو قال:(اللؤلؤ العظام). وقيل: المرجان: الخرز الأحمر. وقيل غير ذلك.
قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. فيه امتنان من اللَّه تعالى على عباده بنعمة هذه الحلية من اللؤلؤ والمرجان.
وقوله تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}. أي: وله -تعالى- السفن الجارية في البحار -المرفوعات القلاع- كالجبال. قال مجاهد:(ما رُفِعَ قلْعُهُ من السفن فهي مُنْشأَة، ومالم يُرْفَع قَلْعُهُ فليس بمنشأة). قال ابن جرير:(وقوله: {كَالْأَعْلَامِ} يقول: كالجبال، شبَّه السفن بالجبال، والعرب تسمي كل جبل طويل علمًا).
قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. أي: فبأي نعم ربكما -معشر الثقلين- تكذبان من هذه النعم التي منها تسخيره السفن الجارية في مصالحكم وأسفاركم وتجاراتكم في الأنهار والبحار.
في هذه الآيات: إثباتُ الفناء لكل شيء والبقاء للواحد القهار، فهو سبحانه كل يوم هو في شأن وله الكمال والجميع إليه بالافتقار.
فقوله تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}. تقرير لفناء جميع الخلق من الجن والإنس، فكل مَنْ على ظهر الأرض هالك. قال قتادة:(أنْبأ بما خلق، ثم أَنْبأَ أن ذلك كُلَّه فانٍ).
وقوله تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. فيه إثبات صفة الوجه للَّه جل ثناؤه، وكما هو في الآية الأخرى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]. فإنه مهما أوِّلت به من كون المقصود ما ابتغي به وجهه - {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} أي ذاته - كما