في هذه الآيات: إقسامُ اللَّه تعالى بمواقع النجوم، أنّ القرآن العظيم في كتاب مكنون، لا تصل إليه الشياطين، وأنه تنزيل رب العالمين، فكيف يجحد بآيات اللَّه بعد ذلك الجاحدون.
فقوله:{فَلَا أُقْسِمُ} فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول:"لا" صلة، والمعنى: فأقسم، بدليل قوله:{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ}. وهو قول أكثر المفسرين.
التأويل الثاني:"لا" بمعنى "ألا" للتنبيه، والمراد التنبيه على فضيلة القرآن ليتدبروه، وأنه ليس بشعر ولا سحر ولا كهانة كما زعم المشركون.
التأويل الثالث:"لا" زائدة، والتقدير: أقسم بمواقع النجوم، ويكون جواب القسم:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}. ذكره سعيد بن جبير.
التأويل الرابع:"لا" ليست زائدة، بل لها معنى، وإنما يؤتى بها في أول القسم إذا كان مُقْسَمًا به على منفيّ. كما في الصحيحين عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت:[لا، واللَّه ما مَسَّت يدُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَ امرأة قطّ](١).
فتقدير الكلام في الآية: لا. أقسمُ بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة، بل هو قرآن كريم. قال الفراء:(هي نفي، والمعنى: ليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف {أُقْسِمُ}).
التأويل الخامس:"فَلأُقْسِم" بغير ألف بعد اللام، وهي قراءة الحسن، والتقدير: فلأنا أقسم بذلك.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٧١٣)، ومسلم (١٨٦٦)، وغيرهما.