للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشق الثاني من المعنى ذكره النسفي جيث قال: ({فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}. أي فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي يسلمون عليك، كقوله: {إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}).

وقوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}. أي: وأما إن كان المحتضر من أهل التكذيب بالحق، وأهل اتباع الهوى والضلال، فإن الضيافة ستكون من الشراب المغلي الذي قد انتهى حره، في أرجاء النار التي تغمره، فبئس الشراب وبئس الرزق وبئس المستقر.

وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}. قال مجاهد: (الخبر اليقين).

قال القرطبي: (أي هذا الذي قصصناه محض اليقين وخالصه. وجاز إضافة الحق إلى اليقين وهما واحد لاختلاف لفظهما. قال المبرِّد: هو كقولك عين اليقين ومحض اليقين، فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين. وعند البصريين: حق الأمر اليقين أو الخبر اليقين. وقيل: هو توكيد).

وقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}. أي: فنزّه اللَّه تعالى عن النقائض والعيوب، فاذكره وعظّمه حق الذكر والتعظيم. قال القاسمي: ({فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي: نزهه عما يصفونه به من الأباطيل، وما يتفوهون به من الأضاليل، قولًا وعملًا).

أخرج الترمذي والنسائي بسند حسن عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [مَنْ قال: سبحان اللَّه العظيم وبحمده غُرِست له نخلةٌ في الجنّة] (١).

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللَّه وبحمده، سبحان اللَّه العظيم] (٢).

وفي صحيح سنن ابن ماجة عن حذيفة بن اليمان: [أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول إذا


(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٣٤٦٤)، (٣٤٦٥)، والنسائي (٨٢٧)، وابن حبان (٨٢٦)، والحاكم (١/ ٥٠١)، وفيه عنعنة أبي الزبير، لكن له شاهد أخرجه الحاكم (١/ ٥١٢) من حديث أبي هريرة، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٤٠٦)، (٦٦٨٢)، (٧٥٦٣)، ومسلم (٢٦٩٤)، والترمذي (٣٤٦٧)، والنسائي (٨٣٠)، وابن ماجة (٣٨٠٦)، وأحمد (٢/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>