للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}.

قال ابن كثير: (أي: أَخِفْتُم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول، {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، فنسخ وجوب ذلك عنهم).

وعن ابن عباس: (قوله: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}، ذلك أن المسلمين أكثرُوا المسائلَ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى شقّوا عليه، فأراد اللَّه أن يخفف عن نبيِّه -عليه الصلاة والسلام- فلما قال ذلك ضَنَّ كثيرٌ من الناس وكَفُّوا عن المسالة، فأنزل اللَّه بعد هذا: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، فَوَسَّعَ اللَّه عليهم ولم يُضَيِّق).

١٤ - ١٩. قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩)}.

في هذه الآيات: ذمُّ اللَّه تعالى المنافقين، وتوعدهم العذاب المهين، وما أولادهم ولا أموالهم بالتي تمنع عنهم نار الجحيم، فلقد عظموا أهواءهم حتى استحوذ عليهم الشيطان الرجيم.

فقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} الآية. - إنكار من اللَّه تعالى على المنافقين موالاتهم للكفار في الباطن وهم لا معهم ولا مع المؤمنين.

قال قتادة: (هم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم. {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} يقول: ليس المنافقون من اليهود ولا من المسلمين بل هم مذبذبون بين ذلك، وكانوا يحملون أخبار المسلمين إليهم). قال النسفي: ({مَا هُمْ مِنْكُمْ} يا مسلمون {وَلَا مِنْهُمْ} ولا من

<<  <  ج: ص:  >  >>