للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقوكَ وآمنوا بكَ، آمنا بك، فقص خبرهم. .] (١).

ورواه عبد الرزاق في "المصنف" والحاكم في "المستدرك" والحافظ ابن حجر في "الفتح"، وفيهِ أنهم لما اقتربوا اقترح اليهود أن يجتمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعهُ ثلاثة من أصحابهِ بثلاثةٍ من أحبارهم، فإن أقنعهم آمنت بنو النضير، وقد حمل الثلاثة خناجرهم، إلا أن امرأة منهم قد أفشت خبرهم لأخٍ لها مسلم، فهرع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخبرهُ بما بَيَّتَ القوم، فرجع عليهِ الصلاة والسلام ولم يقابلهم (٢)، ونجّى اللَّه نبيّهُ من قتلةِ الأنبياء يهود.

المحاولة الثانية: محاولة أخرى من بني النضير لقتل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإلقاء صخرة عليه. وهذه المحاولة الثانية من يهود، رواها ابن إسحاق وتابعه كتاب السير، ومفادها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب بنفسهِ إلى بني النضير مع نفر من أصحابهِ، وكلمهم في أن يعينوه على دفع دية الرجلين من بني كلاب، اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، في أعقاب حادثة بئر معونة، وكان ذلكَ يجب عليهم حسب بنود المعاهدة.

قال ابن إسحاق: (ثم خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بني النضير، يستعينهم في ديةِ ذَينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري، للجوار الذي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عقد لهما، كما حدثني يزيد بن رومان، وكان بَين بني النضير وبين بني عامر عقدٌ وحِلفٌ، فلما أتاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستعينهم في ديةِ ذَيْنَك القتيلين، قالوا: نَعَمْ يا أبا القاسم، نعينُكَ على ما أحْبَبْتَ، مما استعنت بنا عليه. ثم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى جنب جِدار من بيوتهم قاعد- فمَنْ رجلٌ يعلو على هذا البيت، فيُلقي عليه صخرةً، فيريحنا منه؟

فانتدب لذلكَ عمرو بن جِحَاش بن كعب، أحدهم، فقال: أنا لذلكَ، فَصَعِدَ لِيُلْقِي عليه صخرة كما قال، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نفر من أصحابهِ، فيهم أبو بكر وعمر وعلي، رضوان اللَّه عليهم. فأتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرجَ راجعًا إلى المدينةِ. فلما اسْتَلْبَثَ النبيَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابُه، قاموا في طلبه، فَلَقُوا


(١) حديث صحيح. انظر سنن أبي داود (٢/ ١٣٩ - ١٤٠)، كتاب الخراج والفيء والإمارة، والحديث رجاله ثقات، وجهالة اسم الصحابي لا تضر. وانظر كتابي: "السيرة النبوية على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة" (٢/ ٨٠٠) لتفصيل الحدث.
(٢) انظر: "المصنف" لعبد الرزاق (٥/ ٣٥٩ - ٣٦٠)، و"فتح الباري" (٧/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>