قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}[الرعد: ٣١]. أي: لكانَ هذا القرآن.
وقوله:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. قال الزمخشري:(والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه، وقلةِ تخشعه، عند تدبر القرآن، وتدبّر قوارعه وزواجره). وقال القاسمي:({وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا} أي وتلك الأمور، وإن كانت وهمية، مفروضة، فلا بد من اعتبارها وضربها للناسِ الذين نسوا صغر مقدارهم فتكبروا، ولينَهم فقست قلوبهم {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} أي ليعلموا أنهم أولى بذلكَ الخشوع والتصدّع).
أخرج البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنهما: [أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقومُ يومَ الجمعةِ إلى شجرة، أو نَخْلَةٍ، فقالت امرأة من الأنصار، أو رَجُلٌ، يا رسول اللَّه، ألا نَجْعَلُ لكَ مِنْبَرًا؟ قال:"إِنْ شئتم"، فجعلوا لهُ مِنْبرًا، فلما كانَ يومُ الجُمعةِ دَفَعَ إلى المنْبر، فصَاحَتْ النخلةُ صِياحَ الصبي، ثم نزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فَضَمَّهُ إليهِ، يَئِنُّ أنِينَ الصَّبي الذي يُسَكَّنُ، قال:"كانت تبكي على ما كانت تَسْمَعُ من الذِّكر عندها"] (١).
وقوله تعالى:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}. قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: الذي يتصَدَّعُ من خشيتهِ الجبل أيها الناس، هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة والألوهية إلا له، عالم غيب السماوات والأرض، وشاهد ما فيهما مما يرى ويحسّ {هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} يقول: هو رحمان الدنيا والآخرة، رحيم بأهلِ الإيمان به).