-صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفلا أعلمكم شيئًا تُدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنَعَ مثل ما صنعتم"؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال:"تسبّحون وتكبّرون وتحمدون دُبُرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة". قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: سمع إخواننا أهلُ الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}] (١).
قلت: وجميع ما ذكر من اختصاص اللَّه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنبوة، واختصاص أمته باستقبال بعثته، وانقياد الناس إليه ودخولهم في دينه ونصرته، وتسابق بعض العرب والعجم لحمل لواء شريعته، وإنفاق بعض الأغنياء في سبيل نشر دعوته، كل ذلك داخل في مفهوم هذه الآية.
وقوله:{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}. قال ابن عباس:(حيث ألحق العجم بقريش). وقال:(يقول: واللَّه ذو الفضل على عباده، المحسن منهم والمسيء، والذي بعث فيهم الرسول منهم وغيرهم، العظيم الذي يقلّ فضل كل ذي فضل عنده).
في هذه الآيات: تشبيه الذين أوتوا التوراة من اليهود والنصارى وقد كُلفوا العمل بها فلم يعملوا بها، ثم كذبوا بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يؤمنوا بالوحي والنبوة، بالحمار يحمل على ظهره كتبًا من كتب العلم لا ينتفع بها ولا يعقل ما بداخلها، ودعوة اليهود لتصديق ادعائهم أنهم أبناء اللَّه وأحباؤه بتمني مفارقة هذه الحياة إلى دار الخلود وجنات النعيم،
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٣٢٩)، (٨٤٣)، ومسلم (٥٩٥)، وابن حبان (٢٠١٤)، وأخرجه البيهقي (٢/ ١٨٦) من حديث أبي هريرة.