قال: عبد اللَّه بن أبي. قال: وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل. قال: فأنت يا رسول اللَّه واللَّه تُخْرِجه منها إن شئت، هو واللَّه الذليل وأنت العزيز، ثم قال: يا رسول اللَّه، ارفق به، فواللَّه لقد جاءنا اللَّه بك، وإن قومَهُ ليَنْظُمون له الخرَزَ ليتوّجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبتَهُ مُلكًا.
ثم مشى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالناس يومَهُم حتى أمسى، ولَيْلَتَهُم حتى أصبح، وصَدْرَ يومهم ذلكَ حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وَجدوا مسّ الأرض فوقعوا نيامًا، وإنما فعل ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد اللَّه بن أبي) (١).
وقوله:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. أي: وللَّه {الْعِزَّةُ} يعني الشدة والقوة، وكذلك لرسوله وللمؤمنين باللَّه، ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك.
في هذه الآيات: تحذيرُ اللَّه تعالى المؤمنين من سبيل النفاق والمنافقين، والأمر بالإنفاق في سبيل اللَّه لإعتاق النفوس من الجحيم، ولا يؤخر اللَّه نفسًا إذا جاء أجلها واللَّه بكل شيء عليم.
فعن الضحاك:(قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} قال: الصلوات الخمس). وقيل:{عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أي عن الحج والزكاة. وقيل: عن قراءة القرآن. وقيل: عن إدامة الذكر. وقال الحسن:(جميع الفرائض، كأنه قال عن طاعة اللَّه). وهذا القول يشمل جميع ما قبله.
(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢) وهو حديث رجاله ثقات لكنه مرسل، وله شاهد مرسل جيد من طريق عروة عند ابن أبي حاتم، فيكون حسنًا لغيره مع أصله الذي مضى في الصحيحين. انظر كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين (٢/ ٨٤٧).