في هذه الآيات: إثباتُ حدوث المصائب بأمر اللَّه، وإثباتُ أمر الهداية للمؤمنين والتوفيق بإذن اللَّه، والأمر بطاعة اللَّه ورسوله والتوكل على اللَّه.
فقوله تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}. قال ابن عباس:(بأمر اللَّه، يعني عن قَدَره ومشيئته). وقال القرطبي:({إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أي بإرادته وقضائه).
وقوله:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}. قال ابن عباس:(يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه). وعن الأعمش، عن أبي ظبيان قال: كنا عند علقمة، فَقُرِئ عنده هذه الآية:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} فَسُئل عن ذلك فقال: (هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند اللَّه، فيسلم ذلك ويرضى) - رواه ابن جرير.
وقال سعيد بن جبير:({وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، يعني: يسترجع، يقول:{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة: ١٥٦]).
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده عن أم سلمة رضي اللَّه عنها قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره اللَّه: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا أخلف اللَّه له خيرًا منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ثم إني قلتها، فأخلف اللَّه لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-] (١).
الحديث الثاني: أخرج الدارمي وأحمد بسند صحيح عن صهيب قال: [بينا
(١) حديث صحيح. رواه مسلم (٣/ ٣٧)، وأحمد (٦/ ٣٠٩)، والبيهقي (٤/ ٦٥).