للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهر يكون تِسعًا وعِشْرين" فقمت على باب المسجد، فناديتُ بأعلى صوتي: لَمْ يُطَلِّق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نِساءَهُ، ونزلَتْ هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]. فكنتُ أنا استنبطْتُ ذلكَ الأمْرَ، وأنزل اللَّه عز وجلَّ آيةَ التَّخْيير] (١).

وفي جاء الترمذي عن عائشة قالت له: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تخبر أزواجك أني اخترتك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنما بعثني اللَّه مُبَلِّغًا ولم يَبْعَثني مُتَعَنِّتًا] (٢).

وقوله: {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ}. قال ابن جرير: ({مُسْلِمَاتٍ} يقول: خاضعات للَّه بالطاعة {مُؤْمِنَاتٍ} يعني مصدقات باللَّه ورسوله).

وقوله: {قَانِتَاتٍ}. قال ابن زيد: (مطيعات). وكذلك قال قتادة.

وقوله: {تَائِبَاتٍ}. أي: راجعات إلى ما يحبّه اللَّه منهن من طاعته عما يكرهه منهن.

وقوله: {عَابِدَاتٍ}. أي: متذللات للَّه بطاعته وطاعة رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقوله: {سَائِحَاتٍ}. قال ابن عباس: (صائمات). وقال زيد بن أسلم: (مهاجرات). والأول أرجح. وقد صح عند ابن جرير عن أبي هريرة موقوفًا: [{السَّائِحُونَ} هم الصائمون] (٣).

وكان بعض أهل العربية يرى أن الصائمِ إنما سمي سائحًا لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد الطعام، فكأنه أُخِذ من ذلك. حكاه ابن جرير وأُثِرَ عن الفَرّاء والقُتَبي وغيرهما.

وقوله: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}. قال ابن كثير: (أي: مِنْهُن ثَيِّباتٍ، ومنهن أبكارًا، أي ليكون ذلك أشهى إلى النفوس، فإن التنوع يَبْسُط النفسَ).

وإنما سميت الثيب ثيبًا لأنها ثابت إلى بيت أبويها، وأما البِكْرُ فهي العذراء، سُمِّيت بِكْرًا لأنها على أوَّل حالتها التي خُلِقَت بها - حكاه القرطبي.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٧٩) - كتاب الطلاق، ح (٣٠)، وح (٣١).
(٢) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٤٤)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥١٦).
(٣) أخرجه الطبري (١٧٣٠٢) - سورة التوبة، آية (١١٢)، وهو صحيح موقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>