في هذه الآيات: قَسَمٌ من اللَّه تعالى بالقلم يؤكد النبوة لنبيه الكريم، ويثبت له الخُلق العظيم، ويتوعد المنافقين والكافرين، واللَّه تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
فقوله:{ن} - كقوله في أوائل السور المتقدمة التي تبدأ بمثل هذه الحروف المقطعة، والراجح أن المراد الإعجاز، أي: هذا القرآن مكون من مثل هذه الأحرف، والخلق عاجزون عن معارضته بمثله.
وقوله:{وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}. قسم من اللَّه تعالى بالقلم، والمراد جنس القلم الذي يُكتب به، كما قال جل ثناؤه: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ٣ - ٥].
أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح من حديث عبادة مرفوعًا:[إن أوَّلَ ما خلق اللَّه القلم، ثم قال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة](١).
وفي رواية:[إن أول ما خلق اللَّه القلم، فقال له: اكتب، قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر وما هو كائن إلى الأبد]. وفي لفظ آخر:(اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).
وعن ابن عباس:({وَمَا يَسْطُرُونَ}: يعني وما يكتبون). وقال أيضًا:(وما يَعْملون).
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٣١٧)، والترمذي في التفسير (٢/ ٢٣٢)، وانظر تخريج أحاديث "مشكاة المصابيح" (٩٤).