للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة] (١).

فهذا الحديث هو سيد الاستغفار، فقد جمع من أبلغ الأدب وأرفع الخصال، فلفظة "أبوء" تعني أقِرُّ وأعترف فيها من الأدب الكثير، فرتب اللَّه على صاحبها الجزاء الكبير.

١١ - ١٧. قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥) وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧)}.

في هذه الآيات: انقسام الجن إلى فريقين: مؤمنين وفاسقين، فأهل الإيمان آمنون في جنات النعيم، ومن فسق عن أمر اللَّه كان مع إبليس في نار الجحيم.

فقوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}. أي: منا المسلمون العاملون بطاعة اللَّه، ومنا غير ذلك. قال ابن عباس: (منا المسلم، ومنا المشرك).

وقوله: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}. قال عكرمة: (يقول: أهواء مختلفة). وقال قتادة: (كان القوم على أهواء شتى). وقال مجاهد: ({كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} قال: مسلمين وكافرين). وقال ابن زيد: (صالح وكافر).

والطرائق: جمع طريقة، والمقصود طريقة الرجل ومذهبه. والقِدد: جمع قِدَّة، وهي الضروب والأجناس المختلفة. قال الرازي:"القِدَّةُ" -بالكسر- الطريقة والفِرْقَةُ من الناس، إذا كان هَوَى كُلّ واحدٍ على حِدَةٍ، يقال: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}). قال ابن جرير: ({كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} يقول: وأنا كنا أهواء مختلفة، وفِرَقًا شتى، منا المؤمن والكافر).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٦٣٠٦)، كتاب الدعوات. باب أفضل الاستغفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>