وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة] (١).
فهذا الحديث هو سيد الاستغفار، فقد جمع من أبلغ الأدب وأرفع الخصال، فلفظة "أبوء" تعني أقِرُّ وأعترف فيها من الأدب الكثير، فرتب اللَّه على صاحبها الجزاء الكبير.
في هذه الآيات: انقسام الجن إلى فريقين: مؤمنين وفاسقين، فأهل الإيمان آمنون في جنات النعيم، ومن فسق عن أمر اللَّه كان مع إبليس في نار الجحيم.
فقوله تعالى:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}. أي: منا المسلمون العاملون بطاعة اللَّه، ومنا غير ذلك. قال ابن عباس:(منا المسلم، ومنا المشرك).
وقوله:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}. قال عكرمة:(يقول: أهواء مختلفة). وقال قتادة:(كان القوم على أهواء شتى). وقال مجاهد:({كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} قال: مسلمين وكافرين). وقال ابن زيد:(صالح وكافر).
والطرائق: جمع طريقة، والمقصود طريقة الرجل ومذهبه. والقِدد: جمع قِدَّة، وهي الضروب والأجناس المختلفة. قال الرازي: (و"القِدَّةُ" -بالكسر- الطريقة والفِرْقَةُ من الناس، إذا كان هَوَى كُلّ واحدٍ على حِدَةٍ، يقال:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}). قال ابن جرير:({كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} يقول: وأنا كنا أهواء مختلفة، وفِرَقًا شتى، منا المؤمن والكافر).
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٦٣٠٦)، كتاب الدعوات. باب أفضل الاستغفار.