في هذه الآيات: توجيهُ الوحي الكريم، نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين -أيام التعذيب والاضطهاد في مكة من الطغاة على أوائل المسلمين- إلى توثيق الصلة باللَّه عز وجل عن طريق قيام الليل وذكر اللَّه العظيم.
فقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}. قال الضحاك:(يا أيها النائم). وقال قتادة:(يا أيها المزمل في ثيابه). وقال ابن عباس:(يا محمد زملت القرآن).
وقوله تعالى:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}. أمْرٌ من اللَّه سبحانه رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يترك التَّزَمُّل، وهو التغطّي في الليل، وينهض إلى قيام الليل، فكان واجبًا عليه وحده.
وكان هذا بعد مجيء الأمر العام بصلاة ركعتين أول النهار وآخره. قال مقاتل بن سليمان:(فرض اللَّه في أول الإسلام الصلاة، ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي لقوله تعالى:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[غافر: ٥٥]). ثم جاء الأمر بتمكين العزيمة في صلاة الليل، وتفصيل ذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: [فإن اللَّه افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه حولًا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك اللَّه خاتمتها في السماء اثني عشر شهرًا، ثم أنزل اللَّه