في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإنذار قومه وتعظيم اللَّه العلي العظيم، وتطهير الثياب والعمل من الشرك والصبر للَّه العزيز الحكيم، فإنه إذا نفخ في الصور فذلك يوم على الكافرين أليم.
فقوله:{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}. نزل ذلك بعد قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
فلقد علم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقينًا أنه أصبح نبيًا بعدما فجئه الملك بغار حراء، وأدرك أن جبريل سفيرُ الوحي الذي ينقل الخبر إليه من اللَّه في السماء، ولكن الوحي فتر أيامًا بعد ذلك -كما يروي ابن سعد عن ابن عباس- قبل أن يعاود المجيء والنداء، وكان ذلك قد أهمَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال ابن حجر في "الفتح": (وكان ذلك ليذهب ما كان -صلى اللَّه عليه وسلم- وجده من الروع، وليحصل له التشوف إلى العود).
وفي الصحيحين واللفظ للإمام مسلم عن أبي سلمة قال: [أخبرني جابر بن عبد اللَّه أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحدث عن فترة الوحي. فقال في حديثه: فبينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثيت منه (وفي رواية للبخاري: فرُعبت منه) حتى هويت إلى الأرض فجئت إلى أهلي فقلت: زملوني زملوني، فأنزل اللَّه: {يَاأَيُّهَا