أهلها. قال ابن كثير:({عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} أي: من مُقَدَّمي الزبانية، عَظيمٌ خَلْقُهم، غَليظٌ خُلُقُهم).
فتوعد اللَّه سبحانه الوليد بن المغيرة مقابل هذا الكذب والنفاق والمراوغة في تعامله مع الوحي والحق أن يصليه سقر، بعد أن أعطاه في الدنيا من المال والولد ما كان ينبغي أن يستعين به على طاعة اللَّه وشكره، إذ كان أولاده جميعًا حاضرين أمامه يستأجرون في تجارتهم ولا يسافرون فيجهدون، وأغدق عليه من الأرض والثروة والخير الكثير، الذي سينقلب عليه في الآخرة نقمة أن كفر باللَّه وبرسوله.
في هذه الآيات: تهديدُ اللَّه تعالى الكفار بملائكة العذاب تقهرهم وتغلبهم في نار الجحيم، وعدة هؤلاء الملائكة الزبانية الشداد تسعة عشر كما هي في كتب أهل الكتابين. وقد أقسم اللَّه تعالى بالقمر والليل والصبح أن جهنم إحدى الكبر، جعلها سبحانه نذيرًا للبشر، لمن شاء أن يتقدم في الطاعة أو يتأخر.
فقوله:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}. أي: وما جعلنا خزنة النار {إِلَّا مَلَائِكَةً} أي: إلا زبانيةً غلاظًا شدادًا. قال ابن كثير: (وذلك ردٌّ على مشركي قُريش حين ذَكَر عدد الخزنة، فقال أبو جهل: يا معشرَ قريش، أما يستطيع كلُّ عشرةٍ منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال اللَّه تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}، أي شديدي الخَلْق لا يُقاوَمونَ ولا يُغالبون. وقد قيل: إنَّ أبا الأشدَّين -واسمُه: كَلَدة بن أَسِيد بن خَلَف- قال: يا معشرَ قُريش! اكفُوني منهم اثنين وأنا أكفيكم سبعةَ عَشرَ، إعجابًا منه بنفسه، وكان قد بلغَ من القوة -فيما يزعمون- أنه كان يقِفُ على جلد البقر ويُجاذِبه عشَرَةٌ لينتزِعُوه من تحت قَدَميه، فيتمزَّق الجِلدُ ولا يتزحزحُ عنه. قال السهيلي: وهو الذي