للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}. إخبار عن الكافر كان في الدنيا مكذبًا بالحق معرضًا عن الإيمان والعمل الصالح. قال قتادة: (لا صدق بكتاب اللَّه ولا صلى للَّه {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} كذب بكتاب اللَّه، وتولى عن طاعة اللَّه).

وقوله تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى}. قال ابن عباس: (يختال). وقال زيد بن أسلم: (يتبختر).

قال النسفي: (وأصله يتمطط أي يتمدد، لأن المتبختر يمد خطاه، فأبدلت الطاء ياء لاجتماع ثلاثة أحرف متماثلة).

والمقصود: ثم انصرف إلى أهله مختالًا يتبختر، فهو يتمطط -يتمدد- من التكسّل والتثاقل عن داعي الحق.

وفي جامع الترمذي ودلائل البيهقي بسند حسن عن ابن عمر مرفوعًا: [إذا مشت أمتي المُطَيْطاءَ وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم] (١).

والمُطيطاء: التبختر ومدّ اليدين في المشي. قال ابن الأثير: (وهي من المصغرات التي لم يُستعمل لها مكبر).

وقوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}. تهديد بعد تهديد، ووعيد بعد وعيد، لذلك الكافر المتبختر.

أخرج النسائي في "التفسير"، والطبراني في "المعجم" والحاكم في "المستدرك" بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير قال: [قلت لابن عباس: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} قال: قاله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي جهل، ثم أنزله اللَّه عز وجل] (٢).


= "السنة" (٣٤٦)، والطبراني في "الكبير" (٣/ ٧٦/ ١). وقال البوصيري في "الزوائد" (ق ٢٦٣/ ٢): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات". وانظر "الصحيحة" (١٢٢٢).
(١) حديث حسن في الشواهد. أخرجه الترمذي في السنن -حديث رقم- (٢٢٦١)، والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٥٢٥)، والبغوي (٤٢٠٠) من حديث ابن عمر. وأخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية نعيم بن حماد برقم (١٨٧)، وكذلك ابن عدي (٦/ ٣٣٥).
(٢) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "التفسير" (٦٥٨)، والطبراني (١٢٢٩٨)، والحاكم (٢/ ٥١٠) وصححه. ووافقه الذهبي. وانظر: "الصحيح المسند من أساب النزول" - الوادعي - سورة القيامة. آية (٣٤ - ٣٥). وله شواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>