للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٣١)}.

في هذه الآيات: امتنانُ الرحمن عز وجل على نبيهِ الكريم، بما نزل عليهِ من هذا التنزيل العظيم، ودعوته للاستعانة بالصبر والصلاة على مكر المجرمين، الذين توعدهم اللَّه سوء العذاب يوم الدين.

فقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا}. قال ابن عباس: (أنزل القرآن متفرّقًا: آية بعد آية، ولم ينزل جملة واحدة، فلذلكَ قال: {نَزَّلْنَا}).

قال النسفي: ({إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} تكرير الضمير بعد إيقاعه اسمًا لإنّ تأكيد على تأكيد لمعنى اختصاص اللَّه بالتنزيل ليستقر في نفس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه إذا كان هو المنزل لم يكن تنزيلهُ مفرقًا إلا حكمة وصوابًا ومن الحكمةِ الأمر بالمصابرة).

وقوله: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}. قال ابن عباس: (اصبر على أذى المشركين، هكذا قضيت).

قال ابن كثير: (أي: كما أكرمتُكَ بما أنزلتُ عليكَ فاصبر على قضائه وقدره، واعلم أنه سَيُدَبِّرُكَ بِحُسْنِ تدبيره).

وقوله: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}. الآثم الفاجر في أفعاله، والكفور: الكافر بقلبه. قال ابن جرير: (يقول: ولا تطع في معصية اللَّه من مشركي قومكَ آثمًا يريدُ بركوبه معاصيه، أو كفورًا: يعني جحودًا لنعمه عنده، وآلائه قبله، فهو يكفر به، ويعبد غيره).

وقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}. أي: واذكر -يا محمد- ربك فادعهُ بكرة في صلاة الصبح، وعشيًا في صلاة الظهر والعصر. قال ابن زيد: (بكرة: صلاة الصبح. وأصيلًا: صلاة الظهر الأصيل). وقيل: هو الذكر المطلق سواء كان في الصلاة أو في غيرها.

وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}. قال ابن عباس: (يعني الصلاة والتسبيح). قال القرطبي: ({وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة. {وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} يعني التطوع في الليل، قاله ابن حبيب).

وقوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}. توبيخ وتقريع لكفار مكة الذين آثروا العاجلة وهي الدنيا الفانية على الآخرة الباقية، فهم يحبون البقاء فيها وتعجبهم زينتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>