في هذه الآيات: يقسم اللَّه تعالى بالملائكة يرسلها بالوحي إلى أنبيائه. تعصف لسرعة طيرانها وتنشر أجنحتها آتية بما يفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، حتى توصل الوحي إلى الأنبياء، إعذارًا من اللَّه إلى خلقه، وإنذارًا من عذابه، وعذرًا للمحقين ونذرًا للمبطلين. فإذا النجوم محي نورها وذهب ضوؤها، وإذا السماء فتحت وشقت، ونسفت الجبال فقلعت من مكانها وطارت في الجو هباءً فاستوى مكانها بالأرض، وإذا جعل للرسل وقت للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم، إنه يوم عظيم يعجب العبادُ منه لشدته ومزيد أهواله ضُرِبَ الأجل للرسل لجمعهم، يحضرون فيه للشهادة على أممهم. إنه يوم الفصل الذي يفصل فيه بين الناس بأعمالهم فيفرَّقون إلى الجنة والنار، وما أعلمك بيوم الفصل؟ ! إنه أمر هائل لا يقادر قدره، ويل يومئذ للمكذبين من عذاب اللَّه الذي أُعدَّ لهم.
فقوله تعالى:{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}. إقسام من اللَّه بالملائكة ترسل بالمعروف.
روى مسروق عن عبد اللَّه قال:(هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر اللَّه تعالى ونهيه. والخبر والوحي). وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح وغيرهم. وعن ابن عباس وابن مسعود:(إنها الرياح) -أرسلت متتابعة- {عُرْفًا}: أي يتبع بعضها بعضًا كعرف الفرس.
والخلاف قائم بين المفسرين من الصحابة والتابعين وغيرهم في توجيه الآيات إلى الرياح أو الملائكة. قيل: المرسلات والعاصفات والناشرات هي الرياح. والفارقات