في هذه الآيات: تقريعُ اللَّه تعالى المشركين في إنكارهم المعاد وبعث الأجساد، وتقرير آياته تعالى الكبيرة ونعمه الجليلة على العباد، فقد جعل اللَّه الأرض مهادًا والجبال كالأوتاد، وخلق الأزواج والنوم والليل والنهار وجعل سبع سماوات شداد، وجعل الشمس كالسراج الوهاج، وأنزل من السحاب الماء الثجاج، ليحيي به الأرض وثمرات وجنات البلاد.
فقوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}. إنكار من اللَّه على المشركين إنكارهم وقوع القيامة. قال قتادة:(النبأ العظيم: البعث بعد الموت). قال القاسمي:(والاستفهام للتفخيم أو للتبكيت). وسمّاه سبحانه النبأ العظيم لأن أمر القيامةِ يحمل الهول الكبير، والحدث المفظع الباهر.
وقوله تعالى:{الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ}. قال قتادة:(فصار الناس فيه فريقين: مصدق ومكذب، فأما الموت فقد أقروا به لمعاينتهم إياه، واختلفوا في البعث بعد الموت).
وقوله تعالى: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}. تهديد شديد، ووعيد أكيد. قال النسفي:({كَلَّا} ردع عن الاختلاف أو التساؤل هزؤًا {سَيَعْلَمُونَ} وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون عيانًا أن ما يتساءلون عنه حق. {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} كرّر الردع للتشديد، و {ثُمَّ} يشعر بأن الثاني أبلغ من الأول وأشد).