٤ - وقال تعالى:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً}[الكهف: ٤٧].
قال القاسمي:({وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} أي رفعت من أماكنها في الهواء. وذلكَ إنما يكون بعد تفتيتها وجعلها أجزاءً متصاعدة كالهباء. وفي الآية تشبيه بليغ. والجامع أن كلًا منهما يرى على شكل شيء، وليس به. فالسراب يرى كأنه بحر وليس كذلك. والجبال إذا فتتت وارتفعت في الهواء، ترى كأنها جبال وليست بجبال. بل غبار غليظ متراكم، يرى من بعيد كأنه جبل).
وقوله تعالى:{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا}. أي مُرْصَدَةً مُهيأةً مُعَدَّةً مُجَهَّزَة. و {مِرْصَادًا} مفعال من الرَّصد، والرَّصَد: كل شيء كان أمامك.
قال القرطبي:(فجهنم مُعَدَّةٌ مترصّدة، مُتفعِّل من الرصْد وهو الترقب، أي هي متطلعة لِمَن يأتي. والمرصاد مِفعال من أبنية المبالغة كالمِعطار والمِغيار، فكأنه يكثر من جهنم انتظار الكفار).
وقوله تعالى:{لِلطَّاغِينَ مَآبًا}. قال قتادة:(مأوًى ومنزلًا). والمقصود: أن جهنم ستكون منزل الطاغين ممن طغى في دينه بالكفر، أو في دنياه بالظلم.
وقوله تعالى:{لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}. "أحقابًا" جمع حُقْب، وهو الدهر أو المدة من الزمان، ولا عدد يحصره، بل كلما مضى حقب تبعه آخر، ويستعمل عند قصد تتابع الأزمنة، والمعنى:(ماكثين في النار ما دامت الدهور تتعاقب).
وقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}. أي: لا يجدون فيها بردًا يبرد لهيب النار عنهم، إلا الغساق. ولا شرابًا يرويهم من شدة العطش إلا الحميم.