يومئذ وجوه ناعمة سعيدة، يعلوها الفرح والسرور لما بُشِّرت به من حياة متميزة فريدة، كل ما فيها ملذات ورخاء ونعم عديدة.
فقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ}. أي ذات نعمة وبهجة، وهي وجوه المؤمنين، لما شاهدوا من عاقبة أمرهم وحسن استقبالهم. قال ابن جرير: (يقول: هي ناعمة بتنعيم اللَّه أهلها في جناته، وهم أهل الإيمان باللَّه).
وقوله تعالى: {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ}. أي: لعملها الذي عملته في الدنيا راضية، لأنها قد أُعطيت من الثواب والتكريم ما أرضاها.
وقوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}. أي: في جنة رفيعة بَهيّة الروعة والجمال، عالية الغرفات رفيعة القدر والخدمة والاستقبال.
وقوله تعالى: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً}. قال ابن عباس: (يقول: لا تسمع أذى ولا باطلًا). وقال مجاهد: ({لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} قال: شتمًا). وقال قتادة: (لا تسمع فيها باطلًا، ولا شاتمًا).
قال القاسمي: ({لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} أي لغوًا، أو كلمة ذات لغو. لأن كلامهم الحكمة والعلوم والتسبيح والتحميد).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: ٢٥ - ٢٦].
٢ - وقال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: ٦٢].
٣ - وقال تعالى: {لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: ٢٣].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -في وصف الزمرة الأولى والثانية في دخول الجنة- قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قُلوبهم قلبٌ واحد، يسبحون اللَّه بكرة وعشيًا] (١).
وقوله تعالى: {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ}. قال ابن كثير: (أي: سارحة. وهذه نكرة في سياق الإثبات، وليسَ المرادُ بها عينًا واحدةً، وإنما هو جِنْسٌ، يعني: فيها عيون جاريات).
وقوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ}. السرر: جمع سرير، و {مَرْفُوعَةٌ} أي عالية ناعمة
(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (١٩٥٦) - (١٩٥٧)، وهو جزء من حديث أطول.