في هذه الآيات: أمْرُ اللَّه تعالى رسوله بالقراءة باسم اللَّه الذي خلق، خلق الإنسان من علق، والحث على الكتابة بالقلم، لتثبيت الفهم والعلم.
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: [أَوّلُ ما بُدِئ به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رُؤيا إلا جاءت مثلَ فلقِ الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حِراء فيتحنَّث فيه قبل أن ينزعَ إلى أهله، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزودُ لمثلها، حتى جاءه (وفي رواية: فَجِئَهُ) الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ قال: ما أنا بِقَارِئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهْدَ ثم أرسلني فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بِقَارِئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهدَ ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بِقَارِئ، فأخذني فغطني الثالثة فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} الآيات. فرجع بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرجُفُ فؤاده (وفي رواية: ترجف بوادره) فدخل على خديجة بنتِ خويلد فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة: مالي؟ وأخبرها الخبر، وقال: لقد خشيت على نفسي. فقالت له خديجة: كلّا أبشر فواللَّه ما يخزيك اللَّه أبدًا، فواللَّه إنك لتَصِل الرحم وتصدقُ الحديث وتحمل الكلَّ وتَكْسِبُ المعدوم وتَقْرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقةَ بنَ نوفل بنِ أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأً قد تَنَصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتابَ العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية (وفي رواية: الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية) ما شاء اللَّه أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي. فقالت له خديجة: يا ابن عمِّ اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره