للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١١. قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (٥) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)}.

في هذه الآيات: ثناءُ اللَّه تعالى على المباغتين -في قتال الكفرة- والمهاجمين، فأقسم جلت عظمته بالخيل التي يُغِيرُ عليها القوم إذا أصبحوا ليباغتوا عدوهم، وهي تشتد عند الفجر وتحمحم بصوتها، وتقدح بحوافرها التي تضرب الحصى فيخرج منه النار، وتثير تراب الأرض في الطريق إلى القتال، حتى تنزل فجأة في ساحة القوم المجرمين فتباغتهم بهجوم سريع مفاجِئ، فتكسب الملحمة وتوقع الخسارة بالعدو وتغنم الغنائم، إنّ الإنسان لربه لكفور، وإنه لحب المال لشديد، فهلّا تفكر بالبعث من القبور، وإخراج السرائر من الصدور، فاللَّه تعالى بأعمال العباد خبير بصير.

فقوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}. مدح من اللَّه تعالى: "العاديات ضَبْحًا" وهي الخيل التي تعدوها وهي تحمحم، والضبح: الحمحمة (١). قال ابن عباس: ({وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} الخيل، هو في القتال). وقال عكرمة: (ألم ترَ إلى الفرس إذا جرى كيف يضبح). وقال عطاء: (ليس شيءٌ من الدواب يضبح غير الكلب والفرس).

والآية: قسم من اللَّه تعالى بالخيل إذا اجريت في سبيله فعدت وضبحت. وضبحًا: حال، أو مصدر في موضع الحال.

وقوله تعالى: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}. قال الكلبي: (تقدح بحوافرها حتى يخرج منها النار). وقال قتادة: (هِجن الحرب بينهم وبين عدوهم).


(١) الضبح: هو الصوت الذي يُسمع من الفرس حين تعدو. قال الفرّاء: (الضَّبْحُ: صوت أنفاس الخيل إذا عَدَوْن).

<<  <  ج: ص:  >  >>