للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح، قال: ما هي؟ قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزّى، ونعبد إلهك سنة، قال: حتى أنظر ما يأتي من عند ربي، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} السورة، وأنزل اللَّه: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} إلى قوله: {فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ذكره ابن جرير في التفسير.

وقال محمد بن إسحاق: (حدثني سعيد بن مينا مولى البختري قال: لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأميه بن خلف، رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: يا محمد، هلمّ فلنَعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، ونشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا كنا قد شَرِكناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرًا مما في يديك، كنت قد شَرِكتنا في أمرك، وأخذت منه بحظك، فأنزل اللَّه: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى انقضت السورة).

وقوله تعالى: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. أي: ولا أنتم عابدون اللَّه وحده لا شريك له وهو ما أعبد، ولا أنا أعبد عبادتكم ولا أسلك طريقتكم، وإنما أعبد اللَّه على الوجه الذي يحب، ثم أنتم لا تقتدون بأوامر اللَّه وشرعه، بل قد اخترعتم عبادة من تلقاء أنفسكم فيها من الظن والهوى والابتداع الكثير، فلكم دينكم ولي دين. قال البختري: (يقال: {لَكُمْ دِينُكُمْ} الكفر، {وَلِيَ دِينِ} الإسلام).

ورأى بعض أهل العربية أن تكرار {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} وما بعده على وجه التوكيد.

وقال الحافظ ابن كثير: (وقد استدل الإمام أبو عبد اللَّه الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} على أن الكفر كله ملة واحدة).

تم تفسير سورة "الكافرون" بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه ثاني أيام التشريق - ١٢ ذي الحجة - ١٤٢٦ هـ الموافق ١٢/ كانون الثاني/ ٢٠٠٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>