للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف يصرف اللَّه عني شتم قريش ولعنَهم، يشتمون مذممًا، ويلعنون مذممًا، وأنا محمد] (١).

ومع أن أبا لهب عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وجاره، وكان بيته ملصقًا ببيته، لكنه شَقِيٌّ تَنَكَّرَ للرّحم والجوار من أجل شهوة الكبر والظهور والعلو في الأرض بغير الحق، شأن جيرانه الآخرين من المشركين الذين كانوا يؤذونه.

وقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}.قال ابن عباس: ({وَمَا كَسَبَ} يعني: وَلَدَه). والمقصود: لم يدفع عنه ما جمع من المال، ولا ما كسب من الأرباح والجاه والولد، ما حَلّ به من التباب، وما نزل به من عذاب اللَّه.

وقوله تعالى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}. أي: سوف يعذب في النار الملتهبة، تحرق جلده، وهي ذات اشتعال وتوقد، وهي نار جهنم.

وقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}. - فيه أكثر مِن تأويل:

التأويل الأول: كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فعن ابن عباس: ({وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} قال: كانت تحمل الشوك، فتطرحه على طريق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليعقره وأصحابه). وعن عطية الجدلي قال: (كانت تضع العضاه على طريق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكأنما يطأ به كثيبًا).

وقال ابن زيد: (كانت تأتي بأغصان الشوك، فتطرحها بالليل في طريق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-). - واختاره ابن جرير.

التأويل الثاني: قيل لها حمالة الحطب لأنها كانت تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة، وتعيّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفقر.

فعن عكرمة: (قال: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}: كانت تمشي بالنميمة). وقال قتادة: (كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض). وقال أيضًا: (كانت تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة. وقال بعضهم: كانت تعير رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفقر وكانت تَحْطُب فَعُيِّرت بأنها كانت تحطب).

التأويل الثالث: قيل بل تحمل الحطب فتلقيه على زوجها في نار جهنم.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (فتح الباري: ٦/ ٥٥٤ - ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>